إسراء غريب ضحية “جريمة شرف”
جريمة شرف أودت بحياة إسراء غريب” خبر انطلق من مواقع التواصل الاجتماعي ليثير روادها الذين استنكروا ما حصل مع ابنة مدينة بيت ساحور في فلسطين، لا سيما بعد تداول مقطع صوتي لصراخها واخر مكتوب اشير من خلاله الى ان اسراء ذهبت لملاقاة خطيبها برفقة شقيقته في مكان عام وبعلم والدتها، نشرت مقطع فيديو لهما على حسابها في “انستغرام”، فما كان من ابنة عمها الا ان قامت بتحريض والد الضحية واشقائها عليها، حيث ضربوها بالاشتراك مع زوج شقيقتها ما تسبب بكسر في عمودها الفقري، ليكملوا ضربها بعد نقلها الى المستشفى، كما فسخوا خطبتها، وبعد خروجها من المستشفى حضر شقيقها من كندا وضربها على راسها الامر الذي ادى الى دخولها في غيبوبة ومفارقتها الحياة.
ما يدعم الرواية “الالكترونية” تداول مقاطع صوتية لاسراء ارسلتها الى ابنة عمها ريهام عتبت من خلالها عليها، مؤكدة لها انه من المستحيل ان تخرج مع خطيبها وحدها وان والدها يعلم بذلك ووالدتها تعلم انه اوصلها برفقة شقيقته الى منزلها، رافضة وصفها بـ”مشلفة”، طالبة منها ان تلغي صداقتها على “السناب”.
رفض واستهجان و”حقيقة” معاكسة
قصة نهاية اسراء “الشنيعة” في الثاني والعشرين من الشهر الجاري رفضتها عائلتها حيث اكد زوج شقيقتها محمد صافي (الموكل من العائلة بالحديث باسمها) ان “كل ما يتدوال كذب وافتراء وقد انتشر الخبر من صفحة مشبوهة عرضت تسجيلات ومحادثات وفيديو، وقدمنا شكوى لاغلاقها، وما يؤكد صدقيتنا تقرير الطبيب الشرعي الذي اشار الى ان سبب الوفاة اصابتها بجلطة، وسيجري تحديد سبب الجلطة من خلال فحوص مخبرية في الاردن لكون العائلة تريد معرفة ما حصل مع ابنتها”، ولفت الى ان “اسراء خرجت مع خطيبها برفقة شقيقته بموافقة والدها، ولو انها كانت تخشى معرفة اهلها بالامر لما نشرت مقطع فيديو في صفحتها”.
وعن التسجيل الصوتي الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي حيث تصرخ خلاله اسراء علّق صافي “تم تسجيله في مستشفى الحسين، وذلك بعد نقل اسراء اليه نتيجة سقوطها عن شرفة المنزل، اذ حينها قررت الخروج من دون معرفة اهلها لمقابلة خطيبها وانهاء خلاف كان قد وقع بينهما، فاذ بها تسقط وتكسر عمودها الفقري، وبعد تلقيها العلاج في المستشفى عادت الى المنزل لتصاب بعد مرور 10 ايام بجلطة فارقت على اثرها الحياة”، مطالباً اصدقاءها عدم الانجرار وراء ما يتداول واحترام خصوصية اسراء.
وعن سبب مطالبة إسراء في المقطع الصوتي الذي انتشر بحضور الشرطة، قال: “يعود ذلك الى رفض فريق التمريض اعطاءها الهاتف للاتصال بوالدتها فنادت عناصر الشرطة، فقد كانت تمر بازمة بالتأكيد ليست عقلية تسببت لها بالاعتداء على كل من يقترب منها”. واضاف “التعنيف الاسري يظهر بالعين المجردة ولا يحتاج الى فحوص طبية ومن الواضح ان لا كدمات على جثة اسراء، وفي الصورة الطبقية التي اجريت لجثتها ظهر عدم اصابتها بكسور، كما ان شقيقها لم يأت من كندا كما اشيع بل في الاصل لا يقيم هناك”.
عدا عن ذلك تحدث اقرباء اسراء عبر مقاطع فيديو انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي عن ان اسراء كانت تعاني من “لبس الجن لها نتيجة سحر، وان احد الشيوخ كان يتابع حالتها”.
بيان النيابة العامة
من جانبها اكدت النيابة العامة الفلسطينية في بيان استمرار التحقيق في قضية وفاة الفتاة إسراء، وتقرير الطب الشرعي لم يصدر بعد مؤكدة أنها “باشرت بإجراءات التحقيق عقب ورود بلاغ من الشرطة يفيد بوصول جثة الفتاة إلى مستشفى بيت جالا الحكومي”، وأشارت إلى أنها “أجرت الكشف الظاهري على الجثمان، وصدر قرار بإحالته للطب الشرعي لإجراء الصفة التشريحية عليه وفق الأصول، مضيفة أنها باشرت بسماع إفادات الشهود وجمع الأدلة والبيانات الأولية والتحقيق وفقا للوقائع والملابسات”.
وطلبت النيابة من المواطنين “عدم نشر أو تداول أية معلومات، أو تفاصيل، أو أسماء أشخاص، حول القضية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حفاظا على سير إجراءات التحقيق والتأثير على الرأي العام، مؤكدة أن أروقتها مفتوحة للتعامل بجدية مع أية معلومة من شأنها إظهار الحقيقة وإحقاق العدل”. مشددة “على ضرورة عدم التعامل ونشر أية أخبار أو منشورات تمس بخصوصية الفتاة وعائلتها، لما فيه من مساس بالخصوصية والكرامة الإنسانية، ووجوب الحفاظ على سرية إجراءات التحقيق”.
رفع الصوت
اسراء (22 سنة) تعمل كمزينة مكياج في منزلها، أثارت قضيتها الرأي العام ليس فقط المحلي بل العربي حيث تصدر هاشتاغ #كلنا_ إسراء_ غريب الترند على” تويتر”، كما أُطلقت “حملة نسوية للمطالبة بمحاكمة القتلة”، وبحسب ما قالته مديرة جمعية “تنمية واعلام المرأة” (الفلسطينية) سهير فراج : ” كنا من اوائل من اثار قضية اسراء وقد اصدرنا بيان استنكار وطالبنا بالتحقيق الجدي وتقصي الحقيقة وفي ما بعد تجمعنا مع مجموعة من المؤسسات في محافظة بيت لحم وارسلنا رسالة الى الرئيس محمود عباس والنائب العام، ولدينا تحرك مستمر حول القضية واتصال مع الجهات الرسمية للوقوف على الحقيقة”. واوضحت “ما حصل مع اسراء ليس جريمة شرف، اذ لا يمكن لاحد ادعاء ذلك فهو ظلم حتى لاسراء، والقضية بالنسبة لنا شبهات عنف اسري فالاسر تعتقد انها بذلك تربي بناتها، ويمكن القول ان النميمة والشائعات هي ما دفع الى هذه الكارثة، ونتكلم عن تقصير في الجانب الطبي وتعاطي المنظومة الطبية مع شائعات الشعوذة ولبس الجن وهذا ما نرفضه تماما، وحتى ان كانت نتائج الطب الشرعي تشير الى ان سبب موتها جلطة نحن نرفض ذلك، فقد يكون السبب خلف الجلطة الكسر في عمودها الفقري ربما نتيجة عنف اسري شديد”.
ولفتت فراج الى ان” منظومة القوانين الفلسطينية تشجع على العنف وتحمي المعنف ونحن كجمعية نطالب بإقرار قانون حماية الاسر من العنف، وتغيير قانون العقوبات الذي يحمي الجاني لا الضحية، وبتعديل الاجراءات والسياسات في مراكز تقديم الخدمات للنساء حيث يسهل النظام الموجود حاليا العنف على الرغم من ان لدينا نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات لكن غير مفعل، وحتى الاجهزة الطبية والامنية ضعيفة لعدم وجود امكانيات وتأهيل وكوادر كافية للعمل في قضايا كهذه”.
كما طالبت جمعية “نسوية” في منشور على صفحتها في “فايسبوك”، “السلطة الفلسطينية بمحاكمة واعدام المجرمين الذين قتلوا اسراء”. وفي لبنان كتبت مؤسسة “ابعاد” في صفحتها على “فايسبوك”: “نضم صوتنا الى جميع المدافعات عن حقوق النساء الإنسانية في وطننا العربي… كلنا نريد العدالة لـ #اسراء_غريب. كلنا نريد العدالة لكل النساء. القتل باسم الشرف جريمة تستحق أشد العقوبات”، في حين كتبت “شريكة ولكن”: “نعم لمحاكمة القتلة، ومع المطالبين/ات بالعدالة لـ #إسراء_غريب من أجل جميع #النساء”.
يبقى تقريرا الطبيب الشرعي والنيابة العامة الكلمة الفصل في قضية اسراء، لكن الكارثة الكبرى اننا ما زلنا نسمع عن جرائم شرف وتعنيف اسري في القرن الحادي والعشرين، وعن فتيات يقتلن على اليد التي امّنت لها، امسكت بها واعتبرتها السيف التي تواجه به مصاعب الحياة واذ بها تغدرها وتطبق عليها حكم الاعدام!