ماهي اسباب الغضب في شهر رمضان
يعتبر شهر رمضان بروحانياته العالية والإيمانيات التي تملأ ساعات الصوم شهرا لتهدئة النفوس، وزيادة الألفة بين البشر، ومحاولة الابتعاد عن الانفعال والعصبية، لكن ما نجده هو عكس ذلك تماما، حيث تزداد العصبية وحدة التوتر والانفعالات التي قد تتطور لشجار لأقل الأسباب، وهو ما يرجعه الغالبية للصيام، السبب الذي يكون في معظم الأحيان بعيدا عن الحقيقة ومخالفا للصواب.
يرجع الانفعال الزائد خلال نهار رمضان إلى الاعتياد على ممارسة بعض العادات الخاطئة طوال العام وفي رمضان أيضا، مثل تناول الكافيين المتمثل في الشاي والقهوة والتدخين، وعدم تنظيم الأكل والإفراط في تناول الإفطار، والعادات الخاطئة من شأنها أن تغير مزاج الصائم وتزيد من معدلات العصبية، كما أن المدخن عندما ينقطع عن التدخين خلال فترة الصيام يؤدي ذلك إلى شعوره بالكسل والخمول والعصبية، وعدم الرغبة في العمل، فكلما زادت ساعات الانقطاع زادت حدة العصبية والتوتر، فكل هذه الأعراض تنتج من إدمان التدخين أو الكافيين، وليست من الصيام، فالصائم الذي لا يتناول أي من هذه المنتجات نجد عنده استرخاء نفسيا وهدوءا طوال ساعات الصيام، كما أكدت الدراسات والتقارير التي أجريت في المجتمعات العربية، أن نسبة الجرائم الجنائية والمشاجرات تزداد خلال شهر رمضان خاصة الأسبوع الأول منه، وخلال الفترة التي تسبق الإفطار مباشرة.
وفي هذا السياق، يقول مدير المجلس الإقليمي للصحة النفسية، د. أمجد العجرودي، إن ‘كثيرا من الأشخاص يعانون من العصبية الزائدة خلال ساعات الصيام’، مشيرا إلى أن الكثير يربط بين شهر رمضان وساعات الصيام وبين زيادة العصبية والغضب، وهذا غير صحيح، فتلك العصبية لا علاقة لها بالصيام، ولكنها ترجع إلى بعض العادات غير الصحية التي اعتاد عليها الفرد قبل وبعد رمضان ويمنعها وقت الصيام مما يؤدي إلى حدة التوتر، فبعض الأسباب ترجع إلى توقف الفرد عن تناول شيء يدمنه ويتعلق ذلك بمدمني المكيفات مثل الشاي والقهوة والنسكافيه والشيكولاتة.
ويضيف العجرودي، أن ‘الإدمان يشمل أيضا المدخنين وإدمانهم للسيجارة أو الشيشة، كل هذه الأشياء من شأنها أن تزيد الغضب والعصبية لدى متناوليها نتيجة اعتيادهم على تناولها بشكل مستمر وأثناء انقطاعهم عنها لا يقدرون، ويظل لديهم رغبة في تناولها مما يزيد من حدة العصبية خلال فترة الصيام’، مشيرا إلى أن هذه الفترة التي تحتوي على العصبية والتوتر تستغرق من أسبوع إلى عشرة أيام، وهي الفترة التي يسحب فيها المكيف من الجسم، ووقتها لابد من اعتياد الجسم والبعد عن المكيفات حتى يستطيع الفرد استكمال شهر رمضان في هدوء وبدون عصبية.
ولا تقتصر أسباب العصبية في شهر رمضان عند هذا الحد بل إن هناك أسباب أخرى، فقد أثبتت دراسة بريطانية أن للماء دورا كبيرا في عمل الدماغ، حيث أنه يشكل 75% من الدماغ، وقد يكون نقص الماء خلال ساعات الصيام مسؤولا بشكل أساسي عن اضطراب وظائف خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة العصبية والتوتر وضعف التركيز، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى الهلوسة، ويكون ذلك في الحالات الشديدة، ويرجع ذلك إلى أن الدماغ يفرز موادا كرد فعل على نقص المياه، وغالبا تكون هذه المواد لها دور مهم في زيادة التوتر والعصبية بشكل كبير، كما أن الدماغ يعتمد على الجلوكوز في حصوله على الطاقة، وقد يؤدي نقص الجلوكوز في الدم إلى زيادة العصبية والانفعال.
من الأسباب التي تؤدي أيضا إلى العصبية والتوتر خلال ساعات الصيام السهر وقلة ساعات النوم، نتيجة العمل أو مشاهدة المسلسلات التي تكثر وتتنافس في رمضان، فتكون ساعات النهار شاقة وقتها خاصة مع قلة الساعات بين الإفطار والسحور، وذلك على عكس النوم مبكرا من شأنه أن يعطي نتيجة إيجابية في تحسين المزاج، فهناك بعض الأشخاص الذين يلجؤون إلى عدم تناول وجبة السحور من أجل النوم، وهذا يعد خطأ أيضا، لأن هذه الوجبة هي التي تعطي الجسم الطاقة وتساعده على العمل خلال ساعات الصيام وتقلل من حدة الشعور بالعطش، والحل هنا يكمن في التعجيل بالإفطار والحرص على تناول وجبة السحور، واختيار الغذاء الصحي الذي يحتوي على الفيتامينات التي تمد الجسم بالطاقة، والمتمثلة في الخضروات والفاكهة، والبعد عن الدهون، والتقليل من تناول الحلويات لأنها تزيد الإحساس بالعطش.